الاشعاع الحراري

طرق نقل الحرارة

ما الذي يحدث عندما يتلامس جسمان لهما درجتا حرارة مختلفتين ؟

الأجسام المادية، مهما كانت طبيعتها فهي تشع الضوء ! حتى ولو كانت باردة ! !

ما هي الطرق التي تنتقل بها الحرارة ؟

ماذا تعرف «العجائز» عن التبادلات الحرارية ؟

الحرارة

درجة حرارة جسم تقيس درجة اضطراب  Agitation الجزيئات المكونة له، كلما كانت درجة الحرارة مرتفعة كانت حركة الجزيئات سريعة وعنيفة وعشوائية، هذا ما نسميه «الهياج الحراري» Agitation thermique ، يكون الجسم في درجة الحرارة «صفر مطلق» أي -273 °C عندما تتوقف الجزيئات عن الحركة بشكل «مطلق».

من جهة أخرى، جزيئات المادة مكونة في أغلبها من جسيمات دقيقة مشحونة، وحركة هذه الجسيمات المشحونة تولد حقولا كهربائية ومغناطيسية أو موجات كهرومغناطيسية أي أنها تصدر الضوء، وكل جسم درجة حرارته مختلفة عن الصفر المطلق يصدر بالضرورة أمواجا كهرومغناطيسية (ضوء) بشكل دائم. الضوء المنبعث من جسم يتميز بلونه (طول موجته أو تردده) وبشدة إضاءته، وهاتان الخاصيتان مرتبطتان بدرجة حرارة الجسم، كلما زادت درجة حرارة الجسم زادت سرعة وكثافة حركة الجسيمات ومنه ارتفاع تردد الضوء المنبعث وزيادة كميته وشدته.

جسم في درجة حرارة اعتيادية 20 °C يصدر موجات ذات ترددات منخفضة لا تبصرها العين، إنها الموجات تحت الحمراء، لكن يمكن التقاطها بواسطة بعض أنواع الكاميرات .. بالمناسبة جهاز التحكم الخاص بالتلفزيون مثلا يعمل بالموجات تحت الحمراء غير المرئية لكن يمكن رؤيتها بواسطة آلة التصوير الخاصة بالحاسوب أو الهاتف النقال .. ما عليكم سوى المحاولة.

بالنسبة لأجسام أشد حرارة، مثل الأجسام المتوهجة يكون الضوء المنبعث مرئيا، لنأخذ بعض الأمثلة، السلك المتوهج لمصباح كهربائي يصدر الضوء لأن تيارا كهربائيا يسخنه إلى حد التوهج، هذا ما نسميه بالمصباح المتوهج، سطح الماغما المنصهرة تضيء بلون أحمر لأن درجة حرارتها أقل من درجة حرارة السلك المتوهج في المصباح، النجوم لها ألوان مختلفة، فالنجوم الأكثر حرارة تبدو بلون أبيض أو أزرق، بينما الأقل حرارة تظهر بلون أحمر، أي أننا يمكن أن نعرف درجة حرارة جسم فقط من خلال تحليل الضوء المنبعث منه.

أنظمة التدفئة المركزية تنشر إشعاعات تحت الحمراء، لا نراها بالعين لكن يمكن أن نتحسسها من خلال الحرارة أو الدفء الذي نشعر به. أنظمة التدفئة التقليدية التي تعمل بشعلة نارية مثل مدفئة الغاز الطبيعي تنشر الحرارة في الغرفة عن طريق تسخين كتلة الهواء الموجودة في الغرفة، أي أن انتشار الحرارة في الغرفة يعتمد على حركة الهواء، في حين أن نظام التدفئة المركزية يعتمد على إشعاع الموجات تحت الحمراء والعنصر الذي يقوم بذلك يسمى مشعاع Radiateur. عندما تقرب يديك من النار تشعر بالحرارة أو الدفء بسبب الموجات تحت الحمراء، وليس الهواء الساخن، لكن عندما تضعهما فوق النار فإن الهواء الحار الصاعد هو الذي سيحرقهما .. عندما تشعر بالحرارة الأمر يتعلق غالبا بالموجات تحت الحمراء.

نقل الحرارة

ما الذي يحدث عندما يتلامس جسمان لهما درجتا حرارة مختلفتين ؟ يحدث تبادل حراري في اتجاه معين، الجسم الأكثر سخونة ينقل الحرارة إلى الجسم الأكثر برودة. عندما تصب القهوة الساخنة في فنجانك، فإن درجة حرارة الفنجان ترتفع بسرعة، وفي الوقت نفسه، تنخفض درجة حرارة القهوة ببطء لأن حرارتها انتقلت إلى الفنجان وإلى الهواء. إذا أردت أن تبرد القهوة بسرعة حركها بواسطة ملعقة، أما إذا انتظرت فترة طويلة بما فيه الكفاية، فإن حرارة فنجان القهوة ستصبح معادلة لدرجة حرارة الغرفة، نقول عن الجملة (قهوة+فنجان+هواء) أنها في حالة توازن. بعدما يصبح فنجان القهوة باردا وعرضته لأشعة الشمس لفترة كافية سترتفع حرارته بلطف بضع درجات. لقد قمنا هنا بتجربة توضح الطرق الثلاث لنقل الحرارة: التوصيل الحراري (تلامس القهوة مع الفنجان ومع الهواء)، والحمل الحراري (التحريك بواسطة الملعقة) والإشعاع (أشعة الشمس مع فنجان القهوة).

التوصيل الحراري La Conduction

التوصيل الحراري هو انتشار الحرارة في جسم أو مجموعة من الأجسام المتلامسة دون أن تحدث أي حركة أو نزوح للمادة، حيث تنتقل الحرارة بسبب التبادل المباشر للطاقة الحركية للجسيمات من خلال سطوح التماس بين الأجسام المشكلة للجملة. تختلف المواد من حيث قدرتها على توصيل الحرارة. عموما المعادن هي نواقل جيدة للحرارة، بينما الخزف والبلاستيك هي موصلات حرارية رديئة، نتحدث عندها عن العوازل الحرارية، الهواء على سبيل المثال هو عازل جيد، أما الماء فهو أفضل توصيلا للحرارة من الهواء.

الناقلية الحرارية

يُعبر عن قدرة الجسم (صلب، سائل أو غازي) على توصيل الحرارة بمقدار يسمى الناقلية الحرارية Conductivité thermique، فكلما كانت قيمة الناقلية الحرارية عالية كلما كانت كفاءة الجسم لتوصيل الحرارة عالية، والعكس فالقيمة المنخفضة للناقلية الحرارية تعني أن الجسم عازل جيد للحرارة. بصورة عامة الناقليتان الحرارية والكهربائية مقترنتان، فالأجسام التي تنقل التيار الكهربائي بشكل جيد هي في الغالب أجسام تنقل الحرارة بشكل جيد أيضا.

الحمل الحراري La convection

الحمل الحراري يميز انتشار الحرارة في الموائع (الغازات أو السوائل) بسبب حركة جزيئاتها، وهو أسلوب نقل ينطوي على حركة المادة خلافا للتوصيل الحراري أو الاشعاع. عند غَلي الماء، يتحرك من تلقاء نفسه، فالماء القريب من مصدر الحرارة يتمدد ليصبح أقل كثافة فيتحرك صاعدا إلى أعلى، أما الماء القريب من السطح فيكون أقل سخونة بسبب ملامسته للوسط الخارجي، مما يجعله أكثر كثافة فيتحرك نازلا إلى العمق. هذه الظاهرة الفيزيائية شائعة جدا وتحدث في كثير من الجمل الطبيعية (الغلاف الجوي) أو الاصطناعية (أجهزة التسخين).

يمكن أن نميز الحمل الحراري الذاتي والحمل الحراري القسري، ففي حالة الحمل الذاتي، فإن اختلاف درجة الحرارة هو الذي يسبب حركة جزيئات المادة، كتسخين الماء لأغراض الطهي، وحركة الرياح وتشكل السحب، وحركة الهواء حول المدفئة. أما الحمل القسري فهو إجبار جزيئات المائع على الحركة بطريقة ميكانيكية (مضخة أو مروحة).

الإشعاع Le rayonnement

نقل الحرارة بالإشعاع لا يتطلب انتقال المادة، وأفضل مثال معروف هو أشعة الشمس التي تحمل الحرارة إلى كوكب الأرض. كل الأجسام تنبعث منها أشعة تنتشر في كل الاتجاهات وفق خطوط مستقيمة، ولدى وصولها إلى جسم آخر فإنها إما أن تنتشر أو تنعكس أو تمتص وغالبا ما تحدث الظواهر الثلاث معا. امتصاص هذه الإشعاعات هو الذي يسبب ارتفاع حرارة الجسم الذي يمتصها.
كثيرا ما يساء تفسير (مفهوم البرد)، البرد هو الإحساس الذي يميز غياب الحرارة، الملابس التي نرتديها في فصل الشتاء تمنع حرارة الجسم من الانتشار إلى خارج الجسم. عبارة "إنتاج البرودة" ليست عبارة فيزيائية دقيقة، بدلا من ذلك يجب أن نتحدث عن «إزالة الحرارة»، فالثلاجة «تأخذ الحرارة» من الأشياء التي توضع بداخلها.

حيلة حرارية من عند العجائز

قديما في فصل الصيف، قبل عهد الثلاجات، لأجل تبريد الماء تعمد العجائز إلى وضع الماء في وعاء ملفوف بقطعة من القماش السميك نسبيا والمبلول بالماء، ثم توضع في الظل في مكان يجعلها معرضة للتيارات الهوائية .. تبخر الماء الذي يبلل قطعة القماش يحتاج للطاقة التي يستمدها من قارورة الماء، عندما يجف القماش يكون الماء قد أصبح منعشا. يحدث شيء مشابه عندما نبلل القربة.