«المشكلة التَعَلُّمية» هي شيء ملازم لكل مسعىً تَعلمي، وأي شخص يمكن أن يجد نفسه أمام صعوبة تَعَلمية، والبحث عن أسباب الصعوبات التي يعاني منها التلاميذ، ودراسة سبل وطرق علاجها هو أجدى وأنفع من الحكم على التلاميذ بالفشل. يجب أن تكون المعالجة دائمة ومندمجة ضمن المسار البيداغوجي الطبيعي للعمليات التعلمية/التعليمية، وهذه المعالجة المستمرة تَحُول دون بروز نقائص مستعصية على العلاج، وتمنع تَحَوُّل الصعوبات الدراسية إلى فشل دراسي.
المشكلة لا تكمن في وجود هذه الصعوبات بحد ذاتها، لأن وجودها مسألة طبيعية، بل المشكلة تكمن في الآثار التي تنتج عنها، وهنا لدينا مساران:
إن عدم معالجة المشكلة التَعَلُّمية في وقتها المناسب، يؤدي إلى تراكم الأخطاء، وكثافة الحواجز وفقدان القدرة على مواصلة الطريق.
تبعا لإرادة صادقة عند غالبية الأساتذة، ترمي لمساعدة التلاميذ على تجاوز الصعوبات الدراسية التي يعانون منها، ومادة العلوم الفيزيائية في مقدمة المواد التعليمية التي يعاني فيها التلاميذ من مثل هذه الصعوبات، يعمد الأساتذة إلى تكثيف الحصص المخصصة لحل التمارين والمسائل ..
التلاميذ وأولياؤهم ومن أجل نفس الغاية، يلجئون إلى دروس الدعم أو الدروس الخصوصية، والتي لا تختلف في طريقة سيرها عن حصص التمارين التي تجري في الحصص الاعتيادية ..
تتمحور هذه الحصص حول سلسلة من التمارين والتطبيقات من اقتراح الأستاذ، مستمدة من الكتاب المدرسي أو مواضيع البكالوريا أو من مراجع أخرى موجودة في السوق وهي أكثر من أن تحصى .. في بعض الأحيان وقبل الشروع في حل التمارين يقدم الأستاذ خلاصة للوحدة التعلمية، ثم تجري معالجة حلول التمارين دوما بنفس الطريقة، مهما كانت تركيبة فوج التلاميذ وعددهم، حيث تُمنح للطلبة بعض الدقائق القليلة و«الثمينة جدا» للتفكير قبل أن يباشر الأستاذ الحل بنفسه أو يتقدم أحد المتطوعين إلى السبورة حيث يرافقه الأستاذ بتدخلاته المتكررة في مختلف مراحل الحل وحتى النهاية. يُدَوِّن الحاضرون الحل على دفاترهم، ثم ينتقل الجميع إلى التمرين الموالي لتتم معالجته بنفس الطريقة، هكذا في كل مرة، في جميع الوحدات ومع كل المستويات .. وقد يطلب الأستاذ من التلاميذ تحضير سلسلة التمارين في البيت ..
مما سبق، نلخص الأنشطة المقدمة في مثل هذه الحصص في:
هل يمكن تقسيم التلاميذ إلى أفواج حسب الصعوبات التي يعاني منها كل فوج تبعا لنتائج اختبار تشخيصي، أو تقويم مستمر ؟
هل يمكن إعادة توزيع الأدوار بين الأستاذ والتلاميذ، عن طريق منح التلاميذ فرصا أكبر للمحاولة وبلورة فرضياتهم وحلولهم الصرفة .. حتى ولو لم تكن صحيحة ..؟
هل يمكن بناء سلاسل من التمارين متدرجة من الخاص إلى العام أو من السهل إلى الصعب، بما يسمح بعملية مسح شاملة لأغلب الصعوبات المشخصة ..؟
لماذا لا نتناول الملخصات باستخدام الخرائط المفاهيمية لمساعدة التلاميذ على حسن الحفظ والتذكر .. على أن يقوم التلاميذ ببناء الخريطة وليس الأستاذ، من أجل الوقوف على مواطن الخلل المحتملة ..؟ علما أنه يمكن أن يكون للموضوع الواحد أكثر من خريطة مفاهيمية واحدة صحيحة ..
لماذا تضيع من «شِبَاك الصَّيد» كثير من أجزاء النقطة (أو العلامة) الواردة في التصحيح النموذجي لامتحان البكالوريا لأن المترشحين لم يحترموا التسلسل المنطقي لخطوات الحل، فيُحرَم التلميذ بما يقارب نصف جهده الحقيقي، وفي هذا هدر كبير للجهود والفرص لا يتفطن له كثير من المُدَرِبِين .. أقصد الأساتذة ..؟ مما يتطلب استعراض بعض من الحلول النموذجية الخاصة بالبكالوريا مرفقة بسلم التصحيح ..
هل يمكن الالتفات إلى أنواع أخرى من الصعوبات التي تندرج في خانة العادات والسلوكات القاتلة .. مثل صعوبة إتمام نشاط معين وإكماله حتى النهاية، والانتقال من نشاط إلى آخر دون إكمال الأول، قلة التنظيم وصعوبة المثابرة والتحمل لوقت مستمر، مع سهولة التشتت والشرود والسرحان.
الرياضيات والحسابات واحترام الوحدات النظامية واستخدام الآلة الحاسبة بشكل سليم .. تشكل بدورها حواجز وعوائق يُطلب تذليلها وبشكل نهائي.
كما أننا لم نقترح إعادة هيكلة جذرية لطريقة سير حصص الدعم أو الحصص المخصصة لحل التمارين، لأننا نعلم أن ذلك لن يكون سهلا .. نريد فقط من الأساتذة الأفاضل الرفع من مردود وفعالية الجهود التي يبذلها التلاميذ والأساتذة ضمن هذا المسعى، ومن أهم معايير الفعالية المنشودة، عاملين أساسيين:
ما هي المشكلة التَعَلُّمية ؟
هي موقف تعليمي يتعذر معه التعلم، سببه وجود عوائق أو أخطاء أو انقطاع، ودليل وجود مشكلة تَعَلُّمية هو انتشارها لدى فئة كبيرة من الطلبة وتكرارها في مواقف متعددة، ومن هذه الصعوبات:- صعوبة الفهم والإدراك واكتساب المفاهيم.
- صعوبة تطبيق القوانين والمبادئ.
- صعوبة الحساب والرياضيات.
- صعوبة التفكير والانتباه.
المشكلة لا تكمن في وجود هذه الصعوبات بحد ذاتها، لأن وجودها مسألة طبيعية، بل المشكلة تكمن في الآثار التي تنتج عنها، وهنا لدينا مساران:
- إما أن تأخذ المشكلة صفة العائق Obstacle الذي يولد فقدان الثقة في النفس، ومنه الهروب وتجنب إعادة المحاولة، لينتهي الأمر بالصمت والانسحاب، ونهاية هذا المسار سلبية للغاية وتؤدي إلى التراجع والتوقف عن التحصيل الدراسي.
- وإما أن تأخذ المشكلة صفة المُحفِّز Motivation الذي يؤدي إلى مراجعة الذات والبحث عن أسباب المشكلة من أجل اكتشاف طريق النجاح، ونهاية هذا المسار إيجابية وتؤدي إلى التقدم وزيادة التحصيل.
إن عدم معالجة المشكلة التَعَلُّمية في وقتها المناسب، يؤدي إلى تراكم الأخطاء، وكثافة الحواجز وفقدان القدرة على مواصلة الطريق.
ما هو السبيل الأمثل للمعالجة ؟؟
يجب أن نعلم أن المعالجة تأتي بناء على فحص وتحليل لنشاطات التلاميذ أثناء مختلف الأنشطة التعلمية، لاسيما نتائج التقويم بمختلف أنماطه، ومن أنجع السبل لمعالجة المشاكل التَعَلُّمية هو اعتماد «البيداغوجيا الفارقية» والتي هي جملة الإجراءات البيداغوجية الرامية إلى جعل التعلم متكيفا مع الفروق الفردية للمتعلمين، وهي سعي متواصل لتكييف الأنشطة التعلمية مع حاجات المتعلمين ومنح كل فرد منهم حظوظا أوفر للتطور والارتقاء المعرفي، وتأخذ المعالجة واحدا من الأنماط التالية:- جماعية، إذا كان الحاجز أو الصعوبة موجودة عند غالبية التلاميذ.
- أفواج مصغرة، إذا كان بعض التلاميذ يعانون من صعوبات متشابهة.
- فردية.
ماذا يجري في الأقسام مع التلاميذ ؟؟
بعد هذه الجولة النظرية القصيرة، لنعد إلى الأقسام ونرى ما يجري فيها ..تبعا لإرادة صادقة عند غالبية الأساتذة، ترمي لمساعدة التلاميذ على تجاوز الصعوبات الدراسية التي يعانون منها، ومادة العلوم الفيزيائية في مقدمة المواد التعليمية التي يعاني فيها التلاميذ من مثل هذه الصعوبات، يعمد الأساتذة إلى تكثيف الحصص المخصصة لحل التمارين والمسائل ..
التلاميذ وأولياؤهم ومن أجل نفس الغاية، يلجئون إلى دروس الدعم أو الدروس الخصوصية، والتي لا تختلف في طريقة سيرها عن حصص التمارين التي تجري في الحصص الاعتيادية ..
تتمحور هذه الحصص حول سلسلة من التمارين والتطبيقات من اقتراح الأستاذ، مستمدة من الكتاب المدرسي أو مواضيع البكالوريا أو من مراجع أخرى موجودة في السوق وهي أكثر من أن تحصى .. في بعض الأحيان وقبل الشروع في حل التمارين يقدم الأستاذ خلاصة للوحدة التعلمية، ثم تجري معالجة حلول التمارين دوما بنفس الطريقة، مهما كانت تركيبة فوج التلاميذ وعددهم، حيث تُمنح للطلبة بعض الدقائق القليلة و«الثمينة جدا» للتفكير قبل أن يباشر الأستاذ الحل بنفسه أو يتقدم أحد المتطوعين إلى السبورة حيث يرافقه الأستاذ بتدخلاته المتكررة في مختلف مراحل الحل وحتى النهاية. يُدَوِّن الحاضرون الحل على دفاترهم، ثم ينتقل الجميع إلى التمرين الموالي لتتم معالجته بنفس الطريقة، هكذا في كل مرة، في جميع الوحدات ومع كل المستويات .. وقد يطلب الأستاذ من التلاميذ تحضير سلسلة التمارين في البيت ..
مما سبق، نلخص الأنشطة المقدمة في مثل هذه الحصص في:
- تقديم خلاصات مركزة، تكون في الغالب ذات طابع رياضياتي.
- أعمال إضافية تتضمن حل تمارين لدعم المفاهيم المدروسة وتعميقها.
- مناقشات توضيحية جانبية بين الأستاذ والتلاميذ أو بين التلاميذ في ما بينهم، والتي على أهميتها لا تدون لا على السبورة ولا على دفاتر التلاميذ.
- تقويم ذاتي، عن طريق مقارنة التصحيح الذاتي للتلميذ، بالتصحيح الذي يقدمه الأستاذ أو الموجود في الكتاب المدرسي أو في حل نموذجي أو في كتب الحوليات أو على صفحات الجرائد.
- مشاركة محدودة جدا للتلاميذ، تقتصر دوما على نفس الأفراد، متمثلة في المساهمة في كتابة بعض أجزاء الحل على السبورة، أو إبداء بعض الملاحظات المقتضبة أو الأسئلة القصيرة، حول سيرورة ومراحل الحل، ونادرا حول الظاهرة الفيزيائية، لأن الجميع موجود هنا من أجل أن «يتعلم كيف يحل التمارين» ...
- يصل الأمر في بعض الأحيان إلى «حصر الأسئلة» المتوقع ورودها في الوحدة التعلمية، وتلقين التلاميذ الإجابات الملائمة لها .. حيث ليس لدينا هنا لا «ظاهرة فيزيائية» ولا حتى «تمرين» .. مجرد قائمة من الأسئلة والإجابات الموافقة لها .. هذه حقيقة لا مبالغة فيها .. لقد تجاوزنا أسلوب التلقين إلى «البرمجة»، فيصبح الأستاذ كالطبيب الذي يصف دواء دون أن يحترز من مضاعفاته السلبية التي قد تكون في بعض الأحيان قاتلة ..
هل يمكن رفع مردود هذه الحصص ؟؟
هل يمكن دعم «الإرادة الصادقة» في مساعدة التلاميذ بشيء من «التخطيط الهادف» لرفع مردود هذه الحصص وتجنيب التلاميذ مزيدا من التعب والإرهاق ..؟ وأن تكون المعالجة نوعية لا كمية ..؟هل يمكن تقسيم التلاميذ إلى أفواج حسب الصعوبات التي يعاني منها كل فوج تبعا لنتائج اختبار تشخيصي، أو تقويم مستمر ؟
هل يمكن إعادة توزيع الأدوار بين الأستاذ والتلاميذ، عن طريق منح التلاميذ فرصا أكبر للمحاولة وبلورة فرضياتهم وحلولهم الصرفة .. حتى ولو لم تكن صحيحة ..؟
هل يمكن بناء سلاسل من التمارين متدرجة من الخاص إلى العام أو من السهل إلى الصعب، بما يسمح بعملية مسح شاملة لأغلب الصعوبات المشخصة ..؟
لماذا لا نتناول الملخصات باستخدام الخرائط المفاهيمية لمساعدة التلاميذ على حسن الحفظ والتذكر .. على أن يقوم التلاميذ ببناء الخريطة وليس الأستاذ، من أجل الوقوف على مواطن الخلل المحتملة ..؟ علما أنه يمكن أن يكون للموضوع الواحد أكثر من خريطة مفاهيمية واحدة صحيحة ..
لماذا تضيع من «شِبَاك الصَّيد» كثير من أجزاء النقطة (أو العلامة) الواردة في التصحيح النموذجي لامتحان البكالوريا لأن المترشحين لم يحترموا التسلسل المنطقي لخطوات الحل، فيُحرَم التلميذ بما يقارب نصف جهده الحقيقي، وفي هذا هدر كبير للجهود والفرص لا يتفطن له كثير من المُدَرِبِين .. أقصد الأساتذة ..؟ مما يتطلب استعراض بعض من الحلول النموذجية الخاصة بالبكالوريا مرفقة بسلم التصحيح ..
هل يمكن الالتفات إلى أنواع أخرى من الصعوبات التي تندرج في خانة العادات والسلوكات القاتلة .. مثل صعوبة إتمام نشاط معين وإكماله حتى النهاية، والانتقال من نشاط إلى آخر دون إكمال الأول، قلة التنظيم وصعوبة المثابرة والتحمل لوقت مستمر، مع سهولة التشتت والشرود والسرحان.
الرياضيات والحسابات واحترام الوحدات النظامية واستخدام الآلة الحاسبة بشكل سليم .. تشكل بدورها حواجز وعوائق يُطلب تذليلها وبشكل نهائي.
في الأخير ..
لم نتعرض للعوامل الخارجية ذات الصلة بالمشاكل التَّعَلُمية، والصعوبات المدرسية، فهي كثيرة ومتنوعة، وآثارها ليست خافية ..كما أننا لم نقترح إعادة هيكلة جذرية لطريقة سير حصص الدعم أو الحصص المخصصة لحل التمارين، لأننا نعلم أن ذلك لن يكون سهلا .. نريد فقط من الأساتذة الأفاضل الرفع من مردود وفعالية الجهود التي يبذلها التلاميذ والأساتذة ضمن هذا المسعى، ومن أهم معايير الفعالية المنشودة، عاملين أساسيين:
- تجنب إرهاق التلاميذ، من خلال تقديم «دعم مدروس وفَعَّال» يستند إلى منهجية دقيقة وخطة مُحكمة.
- أن تتجاوز الإستفادة فئة المجتهدين، لِتَعُمَّ جميع التلاميذ ذوي المستوى المتوسط وتلامس من تبقى من التلاميذ، ولا يتحقق ذلك إلا بتبني «بيداغوجيا فارقية Pédagogie Différenciée» ..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
شكرا لكم على تفضلكم بالتعليق، سيتم مراجعة هذا التعليق قبل نشره خلال الـ 24 ساعة القادمة.