الجزء الأول
لماذا هذه المذكرة ؟
الغاية من هذه المذكرة هو تسليط الضوء على جملة من مناطق الظل المتعلقة بمجال الميكانيك في الجذع مشترك علوم وتكنولوجيا، وهي وثيقة تدعم جهود السادة الأساتذة في تناولهم لمفهوم القوة والحركة، وهي مذكرة أولى من سلسلة مذكرات، تتناول مواضيع مختارة من منهاج العلوم الفيزيائية في مرحلة التعليم الثانوي.مبدأ العطالة
إن لدى فئة كبيرة من التلاميذ فهم قاصر لمبدأ العطالة(1)، فهو عندهم يقتصر على تفسير حالة السكون فقط، أي أن الجسم الساكن لا يخضع لقوة أو أنه يخضع لجملة قوى متوازنة، لأن المفاهيم القبلية(2) المتعلقة بالقوة والحركة تشكل حاجزا لفهم وتطبيق مبدأ العطالة في حالة الحركة، وترتكز هذه التصورات القبلية على أمرين، الأول هو أن الحركة والسكون مفهومان أساسيان مختلفان، والثاني هو أن الحركة مرتبطة حتما بوجود القوة، ومثل هذه الأفكار تشبه إلى حد كبير أفكار أرسطو ...
جدير بالإشارة أن عنواني الوحدتين الأولى والثانية في مجال الميكانيك هما على التوالي «القوة والحركات المستقيمة» و«القوة والحركات المنحنية»، أي أننا بصدد دراسة العلاقة بين القوة(3) والحركة، أي أننا نحاول الإجابة عن أسئلة مثل « ما الذي يسبب حركة الأجسام ؟» .. « كيف يمكن تغيير الحالة الحركية للأجسام ؟» .. وغيرها .. كل ذلك من خلال المبدأ الأول للميكانيك الكلاسيكي وهو مبدأ العطالة.
بالنسبة لأرسطو: «يتوقف الجسم عن الحركة عندما تتوقف القوة التي تدفعه عن التأثير عليه» ... وإذا سألته لماذا تستمر القذيفة في الحركة عندما تكون طائرة في الهواء ؟ يجيب أرسطو: «بأن الهواء هو الذي يكفل لها استمرارية الحركة ؟؟» .. وعندما نسأل التلاميذ عن القوى التي تؤثر على القذيفة يعبر عدد منهم عن وجود «قوة القذف التي تسمح للقذيفة بمتابعة حركتها .. »، وسوف نجد أن أخطاء التفكير التي قد نقع فيها عند دراسة حركة الأجسام قد وقع فيها علماء كبار من قبل ... لكن هذا ليس عذرا.
جدير بالإشارة أن عنواني الوحدتين الأولى والثانية في مجال الميكانيك هما على التوالي «القوة والحركات المستقيمة» و«القوة والحركات المنحنية»، أي أننا بصدد دراسة العلاقة بين القوة(3) والحركة، أي أننا نحاول الإجابة عن أسئلة مثل « ما الذي يسبب حركة الأجسام ؟» .. « كيف يمكن تغيير الحالة الحركية للأجسام ؟» .. وغيرها .. كل ذلك من خلال المبدأ الأول للميكانيك الكلاسيكي وهو مبدأ العطالة.
بالنسبة لأرسطو: «يتوقف الجسم عن الحركة عندما تتوقف القوة التي تدفعه عن التأثير عليه» ... وإذا سألته لماذا تستمر القذيفة في الحركة عندما تكون طائرة في الهواء ؟ يجيب أرسطو: «بأن الهواء هو الذي يكفل لها استمرارية الحركة ؟؟» .. وعندما نسأل التلاميذ عن القوى التي تؤثر على القذيفة يعبر عدد منهم عن وجود «قوة القذف التي تسمح للقذيفة بمتابعة حركتها .. »، وسوف نجد أن أخطاء التفكير التي قد نقع فيها عند دراسة حركة الأجسام قد وقع فيها علماء كبار من قبل ... لكن هذا ليس عذرا.
نص مبدأ العطالة: «يحافظ كل جسم على سكونه أو حركته المستقيمة المنتظمة، ما لم تتدخل قوة لتغيير حالته الحركية»
مبدأ العطالة ليس سوى وصف للعلاقة بين القوة والسرعة، بحيث تكون سرعة الجسم معدومة، أو ثابتة إذا لم يكن الجسم خاضعا لقوة. ومنه فإن وجدت القوة سيحدث حتما تغير للسرعة ..- بالانتقال من حالة السكون إلى حالة الحركة ..
- أو بتزايد قيمة السرعة، أو تناقصها، كما في الحركة المتسارعة أو الحركة المتباطئة ..
- أو بتغير اتجاه السرعة كما في الحركة الدائرية أو الحركة منحنية ..
ومنه:
- كل جسم «سرعته غير ثابتة» في القيمة أو في الاتجاه .. «يخضع حتما لقوة ».
- كل جسم لا يتحرك «حركة مستقيمة» .. «يخضع حتما لقوة ».
من الخطأ الجسيم الاعتقاد بأن مبدأ العطالة «مُحقق» فقط عندما يكون الجسم ساكنا أو في حالة حركة مستقيمة منتظمة، لأن مبدأ العطالة مبدأ كوني صحيح ومحقق في جميع الأوضاع الحركية للجسم، ومهما كانت طبيعة حركته، ما دامت الدراسة تتم ضمن معلم غاليلي، وهذا حال منهاج العلوم الفيزيائية لدينا.
طبيعة الحركة | مبدأ العطالة |
السكون | سرعة الجسم ثابتة، فهو لا يخضع لقوة أو أنه يخضع لجملة قوى متوازنة. |
الحركة المستقيمة المنتظمة | |
الحركة المستقيمة المتسارعة | سرعة الجسم غير ثابتة، أو أن مساره غير مستقيم، فهو يخضع حتما لقوة. |
الحركة المستقيمة المتباطئة | |
الحركة الدائرية | |
الحركة الدائرية المنتظمة | |
الحركة المنحنية |
وعليه فمن الضروري تجنب طرح السؤال «هل مبدأ العطالة محقق؟»، وكأن المسألة تحتمل الإجابة بـ «نعم محقق ..» أو «لا غير محقق ..»، بل يجب البحث عن صيغ أخرى لهذا السؤال تكون أكثر ملائمة مثل «اشرح كيف أن مبدأ العطالة محقق ..» أو «فسر بناء على مبدأ العطالة .. »
من السقوط الحر إلى .. سقوط القمر
نتحدث هنا عن مغزى الحادثة الشهيرة لسقوط تفاحة نيوتن ... يتطلب الأمر أولا الخروج من المفهوم اللغوي لعبارة «سقوط حر» التي تعني الحركة من أعلى إلى أسفل، إلى المفهوم الاصطلاحي الذي يعني «خضوع الجسم إلى قوة وحيدة هي قوة جذب الأرض»، حتى ولو تحرك الجسم صعودا نحو الأعلى، ومن هنا يمكن أن تأخذ حركة السقوط الحر أشكالا منها:- الحركة المستقيمة الشاقولية: حركة سقوط حر بدون سرعة ابتدائية، أو بسرعة ابتدائية شاقولية سواء نحو الأسفل أو نحو الأعلى.
- الحركة المنحنية: مثل حركة القذيفة بسرعة ابتدائية أفقية أو بسرعة ابتدائية تصنع زاوية مع المستوي الأفقي.
- الحركة الدائرية أو الإهليليجية: مثل حركة الأقمار الاصطناعية، وهي قذف الجسم بسرعة ابتدائية ذات قيمة محددة وفق اتجاه محدد ومن ارتفاع مناسب من سطح الأرض.
من هنا تتبين لنا أهمية الشروط الابتدائية في تحديد شكل الحركة وطبيعتها، رغم أن القوة المؤثرة في الجسم المتحرك هي نفسها في كل هذه الحالات. لاحظ أننا لازلنا نتحدث عن العلاقة بين القوة والحركة.
يأتي هنا سؤال شائع(4) مضمونه: «لماذا لا يسقط القمر على الأرض ما دام أنه خاضع لقوة الجذب الأرضي ؟»، يسارع الكثير إلى القول بأن القمر لا يسقط على الأرض لأنه في حالة توازن، فقوة جذب الأرض تعادلها «القوة الطاردة المركزية(5)» ؟؟.. هذا كلام يحتاج إلى توضيح ..
أولا إذا قلنا أن القمر في حالة توازن، فلا يمكنه إلا أن يكون ساكنا أو في حالة حركة مستقيمة منتظمة، وذلك بناء على مبدأ العطالة ...
ثانيا لا يمكن أبدا الحديث هنا عن القوة الطاردة المركزية، لأنها من قوى العطالة التي لا وجود لها مطلقا في المعالم الغاليلية .. نحن ندرس حركة القمر في المعلم الجيومركزي، وهو معلم غاليلي ولا وجود لقوى العطالة في المعالم الغاليلية .. ثم من قال أن القمر لا يسقط ؟ إنه في حالة سقوط دائم منذ أن أوجده الله العلي القدير، لكن حركة سقوطه تستجيب لشروط ابتدائية تجعل مسار سقوطه دائريا حول الأرض ..
التسجيلات البيانية والتصوير المتعاقب
عند تناولهم لموضوع القوة والحركة، يهتم غالبية الأساتذة بتحليل التسجيلات البيانية لحركات متنوعة، ناتجة عن استخدام تقنيات التصوير المتعاقب أو ما شابهها، مع ما تتضمنه هذه الأنشطة من قياسات وجداول وعمليات حسابية وإنشاءات هندسية وبيانية وغيرها .. كما أن أغلب أنشطة التقويم بنوعيه التكويني والتحصيلي تتمحور جميعها حول هذه التسجيلات البيانية، مع إغفال شبه تام للجوانب المشار إليها أعلاه، لاسيما العلاقة بين القوة والحركة.إن مهارات القياس والحساب والتمثيل الهندسي والبياني على أهميتها ليست هي كل شيء، ولا تكفي وحدها لبناء الكفاءات الخاصة بهذا المجال المفاهيمي، وهنا نؤكد على الكفاءة الأساسية المستهدفة وهي «أن يكون التلميذ قادرا على توظيف مبدأ العطالة للكشف عن وضعيات وتفسيرها» ..
تأمل الوضعيات التعلمية التالية وعلاقتها بفهم وتطبيق مبدأ العطالة من أجل تفسيرها:
- نبدأ بقصة هذا الطفل الذي يقول «.. ذات يوم وأنا ألعب بعربة وضعت بداخلها كرة، فلاحظت أنه في كل مرة أنطلق فيها بالعربة نحو الأمام أرى الكرة تندفع إلى الخلف .. وفي كل مرة أشد العربة لتتوقف أرى الكرة مندفعة إلى الأمام ... سألت أبي لماذا يحدث ذلك ؟ فأجابني: لا أحد يعلم .. ومع ذلك فالأمر يحدث دائما بهذا الشكل .. »
- نندفع دوما إلى الأمام عند توقف الحافلة أو السيارة أو غيرهما .. يحدث العكس عند الانطلاق .. ما الذي تخفيه هذه الظاهرة ؟
- يمكن للشخص الجالس على مقعد الحافلة أن يمسك كوبا مملوء بالماء دون أن يخشى انسكابه ما دامت الحافلة ساكنة أو تسير بسرعة ثابتة، كل تغير مفاجئ للسرعة ناتج عن انطلاق الحافلة أو كبحها سيؤدي حتما إلى انسكاب الماء من الكوب. هل ذلك ناتج عن تأثير قوة الدفع أو قوة الكبح على الماء ؟
- هل تدرك أهمية استعمال حزام الأمان عند ركوب السيارة وعلاقة ذلك بمبدأ العطالة ؟
النضد الهوائي من زاوية بيداغوجية
كثيرة هي الكتب والمراجع التي تقترح أنشطة تتضمن دراسة حركة الأجسام على نضد هوائي من أجل تحقيق معظم قوانين الحركة، وقد لا يرى معظم التلاميذ أية فائدة في دراسة حركة جسم محمول ذاتيا mobile autoporteur، لعدم وجود أي علاقة لمثل هذه الحركة بحياتهم اليومية، إذ كيف يمكن لجسم لم يروه مرة في حياتهم، ولن يروه ربما أبدا أن يحدث لديهم أي دافعية أو حافز للتعلم .. هذا النشاط لا دلالة له بالنسبة للمتعلمين، ومن حقهم أن يتساءلوا عن جدوى مثل هذه الدراسة .. فضلا على أن نشاطا كهذا قد يحمل التلاميذ على الاعتقاد بأن مبدأ العطالة لا يتحقق إلا في المخبر ؟؟ ومنه فلا فائدة من دراسته أو تطبيقه.إن الأستاذ في نشاط كهذا يحاول الإجابة عن أسئلة لا تعني أحدا سواه، فهو يُتعب التلاميذ بإجابات على أسئلة لم يطرحوها، بالمقابل نجده يصم أذنيه عن الأسئلة التي يطرحونها .. لتتحول البيداغوجيا التي نمارسها بهذه الطريقة إلى إجابات بدون أسئلة وأسئلة بدون إجابات.
1. العطالة هي القصور والعجز، أي أن الجسم عاجز وقاصر عن تغيير حالته الحركية ما لم تتدخل قوة خارجية لفعل ذلك.
4. اطرح السؤال «لماذا لا يسقط القمر على الأرض» على محرك البحث google، وستقرأ وترى العجب العجاب .. حتى عند دكاترة لهم إسهامات وصفحات على facebook..
5. حتى الكتاب المدرسي المشهور J. Cessac ، الذي تتلمذ عليه أجيال من الطلبة الجزائريين وأغلبهم اليوم هم أساتذة ومفتشون لم يسلم من هذا الخلط .. انظر terminale D صفحة 82.
بارك الله فيك و الله استفدت كثيرامن هذا المقال مشكور
ردحذففعلا مفيد لكن الاساتذة لن يتغيروا ابدا الا من اراد التطورومعاملة التلاميذ على اساس انهم اتوا لتعلم شيء لا يعرفونه مسبقا ونرجو من الاساتذة ان يعطونا دافعا للفضول وحب الاكتشاف
ردحذفgooooooood
ردحذف